بسم الله الرحمن الرحيم
حاولت أن أجتهد فى تجميع بعض ما جاء فى قصة ابينا آدم عليه السلام . ولى رجاء عند أخوتى وأخوانى فى الله فى حالة وجود أى خطاء يجب تنبيهى اليه خاصة فى آيات الذكر الحكيم أو أحاديث المختار صلى الله عليه وسلم .
آدم علية السلام
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والبزار والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال "قلت: يا رسول اله أي الأنبياء كان أول؟ قال: آدم قلت: يا رسول الله ونبي كان؟ قال: نعم. نبي مكلم. قلت: كم كان المرسلون يا رسول الله؟ قال: ثلثمائة وخمسة عشر. جما غفيرا".
وبعث اللهُ الملك جبرائيل (ع) ليأتيهُ بترابٍ من أديم الأرض، ثم جعله طيناً، وصيَّرهُ بقُدرتهِ كالحمإ المسنون، ثم كالفخّار، حيث سوّاه ونفخ فيه من روحه، فإذا هو بشرٌ سويّ، في أحسن تقويم.
أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكة بأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض.
قال الله تعالى : {وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال : أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال ياآدم أنبئهم بأسمائهم * فلما أنبأهم بأسمائهم قال : ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون * وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين* وقلنا يا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * فتلقى أدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا فأما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بأياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون*} (سورة البقرة : من الآية 30 إلى الآية 39 )
قول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}. ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض قيل أن ألأرض كانت معمورة قبل خلق م عليه السلام وقيل أن اكثر عمارها كانوا من الجن الذين طغوا وقد قال بعض العلماء أن قول الملائكة كان عن الهام وبصيرة، يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق، ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض، وأنه سيسفك الدماء . وكما نعلم أن سيدنا آدم خلقه تعالى بكلمة (كن) فكان صلى الله عليه وسلم. فلا أب ولا أم له، بل هو الأب الأول لعالم الإنس.
سمّى اللهُ سبحانه وتعالى مخلوقه الجديد، آدم، فهو الذي خلقه من أديم الأرض عن ابن عباس قال: إنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض، الحمرة، والبياض، والسواد، وكذلك ألوان الناس مختلفة فيها الأحمر، والأبيض، والأسود، والطيب، والخبيث.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: خلق الله آدم من أديم الأرض. من طينة حمراء، وبيضاء، وسوداء.
فسيدنا آدم هو أول الأنبياء وأبو البشر، خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض، وهو رسول الله إلى أبنائه
من افضال يوم الجمعة خلق آدم فى هذا اليومأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: خلق الله آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنة يوم الجمعة، فجعله في جنات الفردوس
تعليم آدم الأسماء
قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ماتبدون وما كنتم تكتمون ( البقرة 31 تراجع )
ما اعظم السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله فى آدم وهو يسلمه مقاليد الخلافة: فقد علمه سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسمياتوسر تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء وجعلها ألفاظ منطوقة محسوسة.وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض. ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى، لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات، والمشقة في التفاهم والتعامل، حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شئ أن يستحضر هذا الشئ بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه.
وأخرج وكيع وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علمه اسم كل شيء. حتى البعير، والبقرة والشاة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: ما خلق الله.
وأخرج الديلمي عن أبي رافع قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء كما علم آدم الأسماء كلها".
وأخرج وكيع وابن جرير عن ابن عباس في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علمه اسم كل شيء. حتى علمه القصعة والقصيعة، والفسوة والفسية.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علم آدم من الأسماء أسماء خلقه، ثم قال ما لم تعلم الملائكة فسمى كل شيء باسمه، وألجأ كل شيء إلى جنسه.
سؤال هل الملائكة لم تكن تعلم أسماء الأشياء ؟
الإجابة بنعم الملائكة لم تكن لهم حاجة بهذه الخاصية، لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم. ومن ثم لم توهب لهم. فلما علم الله آدم هذا السر، وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء. لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص. . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم، والاعتراف بعجزهم، والإقرار بحدود علمهم، وهو ما علمهم.
ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء. ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم: {قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال: علم الله آدم الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس. إنسان، دابة، وأرض، وبحر، وسهل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها {ثم عرضهم على الملائكة} يعني عرض أسماء جميع الأشياء التي علمها آدم من أصناف الخلق {فقال أنبئوني} يقول: أخبروني {بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة {قالوا سبحانك} تنزيها لله من أن يكون يعلم الغيب أحد غيره تبنا إليك {لا علم لنا} تبريا منهم من علم الغيب {إلا ما علمتنا} كما علمت آدم.
الأمر بالسجود لآدم :
قوله تعالى: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين
السجود هنا كان طاعة لله وتنفيذاً لأمره للملائكة بالسجود وأيضاً تكريم من الله لأدم عليه السلام
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اسجدوا لآدم} قال: كانت السجدة لآدم، والطاعة لله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: أمرهم أن يسجدوا فسجدوا له كرامة من الله أكرم بها آدم.
معصية ابليس:
كان ابليس أول من أخذ بالقياس فى المعصية ورفض السجود للآدم المخلوق من طين ظناً منه أن المخلوق من النار له الأفضلية فعصى أمر ربه ورفض السجود مع الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} قال: كانت السجدة لآدم، والطاعة لله، وحسد عدو الله إبليس آدم على ما أعطاه من الكرامة فقال: أنا ناري وهذا طيني. فكان بدء الذنوب الكبر. استكبر عدو الله أن يسجد لآدم.
وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أمر آدم بالسجود فسجد فقال: لك الجنة ولمن سجد من ذريتك، وأمر إبليس بالسجود فأبى أن يسجد فقال: لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد".
خلق حواء
تحدث القرآن الكريم عن خلقه عليه السلام في مواضع كثيرة ولمناسبات متعددة، والمتأمل في تلك الآيات الكريمة التي ورد الحديث فيها عن خلق آدم عليه السلام، يجدها تتناول تلك المراحل والأطوار التي مر بها خلقه. قال تعالى في سورة آل عمران: (إن مثل عيسى عند الله كمثلِ آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) فإذا كان خلق عيسى عليه السلام ـ من غير أب ـ آية عجيبة فإن خلق آدم عليه السلام من تراب آية عجاب، فعيسى عليه السلام خلق من غير أب وآدم عليه السلام. وقال عز وجل في سورة (ص): (إذ قال ربك للملائكة إِني خالق بشراً من طين) وقال سبحانه في سورة الصافات: (فاستفتهِم أَهم أَشد خلقاً أَم من خلقنا إِنا خلقناهم من طين لاَّزِب) أي من طين لزج متماسك. قال الإمام الطبرسي: [طين لازب أي لاصق وإنما وصفه جل ثناؤه باللزوب لأنه تراب مخلوط بماء، والتراب إذا بماء صار طيناً لازباً]. وقال تعالى في سورة الحجر: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأ مَّسْنُونٍ) وقال سبحانه في سورة الرحمن: (خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) والصلصال هو الطين اليابس الذي يصلصل، وإذا أدخل النار أو تعرض مدة للشمس صار فخاراً، أما الحمأ فهو الطين الذي اسود وتغير من طول ملازمته الماء، والمسنون المصور، وقيل المصبوب المفرغ، أي أفرغ صورة إنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة في قوالبها، وقيل: المسنون هو المتغير الرائحة ومنه قوله تعالى (فَانظُرْ إلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) أي لم يتغير مع مضي مائة عام عليه. وآدم عليه السلام هو أصل البشر، أما حواء: فهي فرع منه وتبع له وقصتها جزء من قصته، ولقد جاء الحديث عنها في القرآن الكريم بصورة ضمنية تبعية، وورد الحديث عن خلقها في آيات متعددة وفيما يلي بيان ذلك: وقفة مع الآيات التي ورد الحديث فيها عن خلق حواء عليها السلام: أولاً: (يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ أنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً). وقفة مع هذه الآية الكريمة: بدأت سورة النساء بهذه الآية الكريمة و(من) في قوله تعالى (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) تفيد التبعيض؛ لأن حواء خلقت من بعض آدم عليه السلام ويجوز أن تكون (من) بيانية لأن حواء خلقت من جنس آدم، وخلقها الله من جنسه لتتحقق الألفة والوئام والمودة، والانسجام؛ لأن الجنس إلى الجنس أميل. وفي السنة النبوية ما يدل على أن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام.
روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك عن طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها".
وصفوة القول فيما سبق أن حواء عليها السلام خلقت من ضلع من أضلاع آدم عليه السلام بكيفية لا نعلمها، وإنما نفوض علمها إلى الله عز وجل، وقد اختلفت طبيعة المرأة عن طبيعة الرجل نظراً لاختلاف مهمة كلٍّ في الحياة، وفي الحديث السابق وصية بالنساء ودعوة إلى الصبر عليهن والترفق بهن ومراعاة طبيعتهن، ولا يعني خلق حواء من ضلع آدم أن تكون أضلاع آدم ناقصة عن أضلاع حواء ـ كما ذكر ذلك بعض المفسرين ـ وإنما الصواب أن عدد أضلاع الرجل مساوية بعدد أضلاع المرأة. يقول الإمام فخر الدين الرازي ـ في تفسيره مفاتيح الغيب [.. الذي يقال: إن عدد أضلاع الجانب الأيسر أنقص من عدد الجانب الأيمن فيه مؤاخذة تبين عن خلاف الحس والتشريح]. ويقول الأستاذ الدكتور محمد متولي إدريس: [وليس معني ما ورد في الصحيح أن المرأة خلقت من ضلع إن جرينا على ظاهر اللفظ أن تكون أضلاع الرجل قد نقصت ضلعاً من أي ناحية، وإنما يكون المعنى: أن الله خلقها من ضلع والضلع باقية على حالها، لم تنقص شيئاً، وهذا يدل على عجيب قدرته تعالى].
يقول الإمام الطبري في تفسيره: [وإنما منّ علينا تعالى بأن خلقنا من نفس واحدة؛ لأنه أقرب إلى أن يعطف بعضنا على بعض ويرحم بعضنا بعضاً؛ لرجوعنا إلى أصل واحد ولأن ذلك أبلغ في القدرة وأدل على العلم والحكمة].
ويقول الإمام ابن كثير [... ولهذا ذكر الله تعالى أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة ليعطف بعضهم على بعض ويحننهم على ضعفائهم، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أولئك النفر من مضر وهم مجتابوا النِّمار (أي ممزقي الثياب) ـ أي: من عريهم وفقرهم؛ قام فخطب بعد صلاة الظهر وقال في خطبته: "(يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) حتى ختم الآية ثم قال (يَأَيُّهَا الَّذِينَ أمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)" ثم حضهم على الصدقة فقال: "تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بِشِقِّ تمرة"، قال: فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّةٍ كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مُذْهَبَةٌ].
وقريب من هذه الآية الكريمة في معناها ومقاصدها نجد الآية الثالثة عشر في سورة الحجرات: (يَأيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرِ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وفي هذه الآية الكريمة يتوجه الخطاب الإلهي إلى الناس جميعاً على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأجناسهم ببيان أنهم خلقوا من أصل واحد (مِّن ذَكَرِ وَأُنثَى) أي من آدم وحواء عليهما السلام وإذا كان الأمر كذلك: فلماذا يتفاخر الناس بأنسابهم وأحسابهم، ويتعالى بعضهم على بعض، وقد خلقوا جميعاً من أصل واحد؟!! فالكل سواء، والواجب عليهم أن يتعارفوا ويتآلفوا ويتعاطفوا فيما بينهم، وأن يعلموا أن التفاضل الحقيقي بالتقوى والعمل الصالح؛ بالمتقون هم أكرم الناس عند الله عز وجل. وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". ويقول المصطفى الأكرم صلى الله عليه وسلم: "إن من أحبِّكم إليَّ وأقْرَبِكُم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنَكُم أخلاقاً، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون" قالوا: يا رسول الله! قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: "المتكبرون". فائدة: يلاحظ الصلة الوثيقة والعلاقة الوثيقة بين الآية الأولى من سورة النساء والآية الثالثة عشرة من سورة الحجرات في المطلع وفي المضمون وفي الختام: فالمطلع فيهما (يَأَيُّهَا النَّاسُ) والمضمون فيهما: هو الحديث عن أصل الخلق والدعوة إلى تقوى الله عز وجل والتراحم والتآلف بين الناس والختام في الآية الأولى (أنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً). وفي الثانية (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فرقابة الله عز وجل لعباده مبنية على علمه سبحانه بأحوالهم وخبرته ببواطنهم، فسبحان من لا تخفى عليه خافية وجل من لا تغيب عنه غائبة.
آدم وحواء فى الجنة
قوله تعالى: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين
أما قوله تعالى: {وزوجك}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر من طريق السدي بن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن ابن مسعو وناس من الصحابة قالوا: لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها ما أنت؟ قالت: امرأة قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي قالت له الملائكة ينظرون ما يبلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء. قالوا: لم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من حي فقال الله {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}.
وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد قال: نام آدم فخلقت حواء من قصيراه، فاستيقظ فرآها فقال: من أنت؟ فقالت: أنا أسا. يعني امرأة بالسريانية. وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء من الضلع رأسه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته تركته وفيه عوج. فاستوصوا بالنساء خيرا".
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس قال: إنما سميت حواء لأنها أم كل حي.
وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر من وجه آخر عن ابن عباس قال: إنما سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء، وسميت حواء لأنها أم كل حي.
يتبع